متابعة: المصطفى العياش
أوردت إحدى الجرائد خبرًا يفيد بأن الشرطة القضائية حطّت الرحال بقيادة سيدي موسى بن علي للتحقيق في حالات بناء عشوائي عبارة عن “فيلات” مشيدة بدون ترخيص، من بينها حالة استُعملت فيها “رخصة مزورة باسم أحد الأقرباء”، إضافة إلى حالات أخرى متفرقة بمنطقة “العرصة”. هذا الخبر، الذي أثار ردود فعل متباينة وسط الرأي العام المحلي، تضمّن معلومات اعتبرتها مصادر مطلعة بعيدة عن الواقع، ومبنية على استنتاجات غير دقيقة، خصوصًا ما يتعلق بالترخيص المفترض للبناء.
مصادر موثوقة لجريدة “كابريس” أكدت بشكل قطعي أن الرئيس الحالي لجماعة سيدي موسى بن علي لم يُوقّع، منذ تنصيبه، أي رخصة للبناء، ما يجعل كل ما قيل عن وجود “رخص صادرة عن الجماعة” مجرد ادعاء عارٍ من الصحة، لا يستند إلى وثائق قانونية أو سجلات إدارية.
بل إن جل البنايات التي طالتها المعاينات مؤخراً، سبق أن تم تحرير محاضر مخالفة بشأنها من طرف قيادة سيدي موسى بن علي، وتعود إلى فترات سابقة، ما يعني أن الموضوع يتعلق بتراكمات ماضية لا يمكن تحميلها بشكل اعتباطي للإدارة الحالية، التي اختارت نهج الحذر والامتناع عن توقيع أي وثيقة متعلقة بالبناء خارج الضوابط القانونية.
الرئيس الحالي لجماعة سيدي موسى بن علي: موقف واضح وصارم في ملف التعمير
في سياق التدقيق في ملفات البناء التي تثير جدلاً في قيادة سيدي موسى بن علي، يبرز موقف الرئيس الحالي للجماعة بشكل جلي، حيث أكدت مصادر موثوقة أن الرئيس منذ توليه مهامه لم يُوقّع أي رخصة بناء، سواء جديدة أو مستعجلة، مما يعكس نهجًا صارمًا في احترام القانون ومواجهة كل أشكال المخالفات.
هذا الموقف لم يكن سهلاً، خصوصًا في ظل الضغط المجتمعي وحجم الطلبات العديدة التي تصل لمكتب الجماعة، لكنه يؤكد رغبة الإدارة الحالية في إعادة ترتيب أوراق التعمير وتصحيح مسارات العمل التي شهدت نوعًا من الفوضى في السابق.
عدم توقيع الرخص من قبل الرئيس يشير إلى حرصه على تجنب المسؤولية القانونية عن أي مخالفة محتملة، ويرسل رسالة واضحة بأن البناء خارج المساطر الرسمية لن يحظى بأي دعم أو تغاضي من المجلس الجماعي.
كما أن هذا الإجراء يضع أعباء كبيرة على أعوان السلطة المحلية واللجان المكلفة بالمراقبة، التي أصبحت بمثابة العين الساهرة على التطبيق الصارم لقوانين التعمير، مما يعكس تحولًا ملحوظًا في ديناميكية العمل الإداري والترابي بالمنطقة.
هذا التصرف يمثل نقطة مضيئة في ملف معقد، ويدعو جميع الأطراف المعنية إلى تبني نفس المنهجية الصارمة، لضمان التهيئة العمرانية السليمة والحفاظ على الحقوق العقارية للمواطنين.
دور الإعلام ومسؤولية التغطية
من جهة أخرى، لوحظ أن بعض المنابر الإعلامية ساهمت في خلق حالة من التشويش لدى الرأي العام، عبر تناقل معلومات غير دقيقة أو ناقصة، ما أدى إلى تضخيم حجم الأزمة بطريقة قد لا تعكس الواقع الميداني بشكل صحيح.
وهذا يضع على عاتق الإعلاميين مسؤولية كبيرة في التعامل مع ملفات حساسة مثل هذه، بالتحقق من مصادر الأخبار، وتحري الدقة في نقل الوقائع، حفاظًا على المصلحة العامة وطمأنة الساكنة، وتفادي خلق حالة من البلبلة قد تؤثر سلبًا على الجهود الرامية إلى حل المشاكل.
معالجة ملف التعمير بين اليقظة والمسؤولية المشتركة
في ظل التراكمات التي تراكمت عبر سنوات في ملفات البناء غير القانوني، تبرز الحاجة إلى استنهاض جميع الطاقات المؤسساتية والفعاليات المدنية للعمل بتنسيق وانسجام، من أجل وضع حد نهائي لهذا الملف المعقد.
يتطلب ذلك تعزيز آليات المراقبة، تفعيل القوانين بحزم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات العالقة، دون استثناء أو تساهل، مع ضمان شفافية الإجراءات وحسن التواصل مع الرأي العام.
إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع: السلطات المحلية، الأجهزة الأمنية، الإدارة الجماعية، والإعلام، ليشكلوا معًا جبهة موحدة تدافع عن القانون وتحمي حقوق المواطنين، بما يعيد الثقة في المؤسسات ويؤسس لبيئة عمرانية متوازنة ومستدامة.
فقط بهذا التكاتف والالتزام، يمكن تحقيق التنمية الحضرية المنشودة التي تلبي تطلعات ساكنة سيدي موسى بن علي، وتضع حدًا لكل مظاهر الفوضى التي عانى منها الملف لسنوات.