العيون _ منير نافيع
مرة أخرى، تثبت الأجهزة الأمنية المغربية أنّ معركتها ضد الإرهاب ليست مجرد شعارات، بل التزام استراتيجي ويقظة دائمة، عنوانها الضربات الاستباقية الحاسمة. فقد تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف طالبة تبلغ من العمر 21 عاما، يشتبه في انتمائها العقائدي لتنظيم “داعش” الإرهابي، وفي مباشرتها خطوات متقدمة لإعداد وتنفيذ عمل تخريبي يستهدف أمن الوطن وسلامة المواطنين.
المفارقة الصادمة في هذه القضية لا تكمن فقط في خطورة المخطط، بل في هوية الفاعلة المفترضة: طالبة تنتمي إلى فضاء يفترض أن ينتج الكفاءات ويحتضن الفكر العلمي، فإذا به يستغل – في هذه الحالة – ليصبح غطاء لتطرف أعمى يتغذى على خطاب الكراهية.
المعطيات الأولية تشير إلى أن المعنية بالأمر لم تكن تكتفي بمناصرة الفكر الداعشي نظريا، بل كانت منكبة على البحث في أساليب التنفيذ، ورصد أهداف محتملة، في محاولة لترجمة قناعاتها الظلامية إلى واقع دموي.
في خضم هذا المعطى المقلق، يطرح سؤال مشروع: كيف تصل طالبة في مؤسسة تعليمية عليا إلى هذا المستوى من التشبع بالفكر المتطرف؟ وأين هي الحصانة الفكرية والتربوية التي يفترض أن تحصن شبابنا من هذا الانزلاق المدمر؟
الأمن المغربي، الذي قام بواجبه بكفاءة وهدوء، ليس وحده المعني بهذا الخطر. فالمواجهة الشاملة للإرهاب لا تختزل في التدخلات الأمنية، بل تبدأ من المدرسة والجامعة، ومن الأسرة والإعلام، في تحصين العقول من الانجراف نحو مشاريع الخراب.
لقد وضعت المشتبه فيها رهن تدبير الحراسة النظرية، في انتظار تعميق البحث تحت إشراف النيابة العامة المختصة بقضايا الإرهاب. وستُكشف – بلا شك – خيوط أخرى قد تفضي إلى فهم أوسع لخلفيات هذه الحالة وسياقاتها المحلية أو الارتباطات العابرة للحدود.
لكن الرسالة وصلت: الوطن مستهدف، والأمن متأهب، غير أن المعركة الأهم هي تلك التي تخاض في الفصول الدراسية، وفي الفضاءات الرقمية، وفي وجدان الأجيال الجديدة التي لم تعد بعيدة عن شرك الاستقطاب، مهما كانت خلفياتها التعليمية أو الاجتماعية.