مع اقتراب المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المقرر أيام 17 و18 و19 أكتوبر 2025 بمدينة بوزنيقة، تتجه الأنظار داخل البيت الاتحادي نحو قيادة جديدة للمجلس الوطني، تكون في مستوى اللحظة السياسية، وتملك من التبصر والرصانة ما يعيد التوازن للمؤسسات الحزبية، ويوفّق بين الاستمرارية والتجديد.
في هذا السياق، يبرز اسم الدكتور إبراهيم الراشدي، لا كمرشح يطرح نفسه، بل كشخصية يلتفّ حولها عدد كبير من المناضلات والمناضلين الذين يرون فيه خياراً وفاقياً، وصوتاً عقلانياً يحتاجه الحزب أكثر من أي وقت مضى.
مسار علمي ووطني مشرف
من مواليد سنة 1950 بمدينة خريبكة، حاصل على دكتوراه الدولة في الاقتصاد من جامعة باريس 1 السوربون، وراكم تجربة أكاديمية مميزة في التدريس الجامعي، إضافة إلى مسار مهني في المحاماة، أعطاه صفة الرزانة والقدرة على تحليل تعقيدات الواقع السياسي والقانوني.
خاض أولى تجاربه الانتخابية كنائب لرئيس بلدية المعاريف، ثم كنائب برلماني عن دائرة أنفا، وتدرج إلى أن أصبح نائباً لرئيس مجلس النواب إلى حدود سنة 2002، حيث بصم على أداء مشرّف وشهادة نضالية هادئة.
رجل توازن ومصالحة
ساهم الدكتور الراشدي سنة 2019 في إطلاق “نداء المصالحة” الذي كان له دور كبير في رأب الصدع الداخلي، وتوحيد الصفوف بعد مرحلة من التجاذب، ما جعله يحظى باحترام واسع داخل مختلف مكونات الحزب.
وقد تمت تزكيته بالإجماع في المكتب السياسي خلال دورة المجلس الوطني المنعقدة في أبريل 2022، وهو موقع يتناسب مع وزنه الرمزي والفكري داخل الاتحاد.
دفاع عقلاني عن لشكر والاستقرار التنظيمي
في خضم النقاش حول مستقبل القيادة، عبّر الدكتور الراشدي في أكثر من مناسبة عن دعمه لاستمرار إدريس لشكر على رأس الكتابة الأولى، معتبرًا أن المرحلة تقتضي مزيدًا من التماسك والتدبير المحكم، خصوصًا مع قرب الاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية سنة 2026.
ويرى الراشدي أن القيادة الحالية راكمت تجربة قوية في المعارضة، ويجب الحفاظ على ما تحقق وتدبير الانتقال الداخلي بهدوء، بعيدًا عن منطق التنازع، وهو ما جعله يساند تنظيم المؤتمر الوطني الثاني عشر في توقيته المعلن، لضمان استقرار الزمن الحزبي.
إجماع على شخصية لا تطرح نفسها
بعكس ما هو شائع في المنافسات الحزبية، لا يروّج الدكتور الراشدي لترشيح نفسه، بل إن دعوات الترشح تأتيه من القاعدة الاتحادية، من مناضلين وقياديين يرونه الرجل المناسب لرئاسة المجلس الوطني، المؤسسة التي تُعتبر عقل الحزب الجماعي، ومؤشر توازنه المؤسسي والفكري.
الراشدي لا يبحث عن موقع، لكنه لا يتهرب من المسؤولية حين تفرضها لحظة الحزب ومصيره السياسي، وهو ما يعطي لترشيحه قيمة معنوية عالية، ويجعله محط ثقة أجيال اتحادية متعددة المشارب والانتماءات.
الخلاصة
إن اختيار الدكتور إبراهيم الراشدي لرئاسة المجلس الوطني في المؤتمر الثاني عشر هو استجابة لرغبة واسعة داخل الجسم الاتحادي، في التأسيس لمرحلة جديدة، بعقل سياسي راكم المعرفة، والميدان، والقدرة على الإنصات.
هو اختيار للاستقرار دون جمود، وللتجديد دون قطيعة، وللمؤسساتية في أبهى صورها، في لحظة دقيقة من تاريخ حزب وطني كبير.
