منير نافيع/كابريس
منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، اختار المغرب طريق الحكمة والحنكة السياسية في الدفاع عن وحدته الترابية. فقد استطاع الراحل أن يسترجع الأقاليم الجنوبية إلى الوطن الأم من دون رصاصة واحدة، معتمدا على الذكاء الدبلوماسي والرؤية الاستراتيجية البعيدة المدى. كانت تلك لحظة مفصلية في التاريخ المغربي الحديث، جسدت معنى السيادة الحقيقية المبنية على الشرعية التاريخية والإجماع الشعبي.
وجاء عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ليُكمل البناء على نفس النهج، لكن برؤية أكثر شمولا وعمقا، حيث جعل من التنمية والنهوض بالمناطق الجنوبية ركيزة أساسية في ترسيخ مغربية الصحراء. فمشاريع البنية التحتية الكبرى، وتثمين الموارد المحلية، وإشراك أبناء الأقاليم الصحراوية في تدبير شؤونهم عبر مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كلها خطوات تعكس سياسة ملكية واقعية ومتزنة في مواجهة نزاع مفتعل لم يعد يقنع أحدا.
لقد حاولت الجزائر جاهدة، عبر دعمها لجبهة انفصالية لا تمثل سوى نفسها، ضرب استقرار المغرب وعرقلة مسار تنميته. غير أن رؤية الملك محمد السادس كانت واضحة: لا مكان للتصعيد، بل العمل على ترسيخ التنمية وإقناع العالم بعدالة الموقف المغربي.
اليوم، وبعد عقدين من العمل المتواصل، تتوالى الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتتأكد يوماً بعد يوم واقعية الطرح المغربي الذي يجمع بين السيادة والتنمية. كما أن المشاركة الواسعة لساكنة الأقاليم الجنوبية في الحياة السياسية، وآخرها الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، تؤكد أن أبناء الصحراء يدبرون شؤونهم بأنفسهم داخل وطنهم الأم، في انسجام تام مع المشروع الملكي المتبصر.
إنها سياسة الملوك المغاربة التي أثبتت عبر التاريخ أن القوة الحقيقية للمغرب ليست في السلاح، بل في الشرعية والرؤية والالتحام الشعبي. ومن الصحراء، تتجدد رسالة المملكة إلى العالم: المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها.























