من توثيق السهرات إلى قاعة الاتهام: حليم بيطار والمدكوري… من خسر الثقة؟

kapress4 يوليو 2025آخر تحديث :
من توثيق السهرات إلى قاعة الاتهام: حليم بيطار والمدكوري… من خسر الثقة؟


سيظل هذا الملف مفتوحًا أمام أعين المتتبعين، وسنواصل تغطيته حتى تتضح كل خيوطه، بأسلوب مهني ومتزن، مؤمنين بأن العدالة هي الفيصل.

في يوم الخميس 3 يوليوز 2025، شهدت مدينة المحمدية توقيف الناشط الحقوقي والصحفي المعروف حليم بيطار، بعد تقديم شكاية من الفنان الشعبي عادل المدكوري تتهمه بالابتزاز والتشهير.
هذا التوقيف، الذي جاء في لحظة مفصلية، فتح باب التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الطرفين، وكيف تحولت شراكة ومساندة إعلامية إلى مواجهة قضائية.
في هذا المقال، نستعرض الوقائع من البداية، ونسلط الضوء على خلفيات النزاع، مع احترام مسار العدالة التي تبقى الفيصل في النهاية.

شراكة قديمة بين الصحفي والفنان

لم يكن أحد يتوقع أن تتحول صداقة دامت لسنوات بين ناشط حقوقي وفنان شعبي إلى قضية تتصدر الرأي العام وتصل حد التوقيف المتلبس.
في مدينة المحمدية، حيث تختلط العلاقات الشخصية بالمواقف المهنية، خرج ملف غير متوقع إلى العلن: شكاية من الفنان عادل المدكوري ضد حليم بيطار، بتهمة الابتزاز، الأمر الذي أدى إلى توقيفه متلبساً وتقديمه أمام النيابة العامة.
الواقعة أثارت جدلاً واسعاً، ليس فقط بسبب طبيعتها، بل بسبب العلاقة السابقة بين الطرفين.

هل نحن أمام حادثة ابتزاز واضحة؟ أم سوء تقدير من شخصية معروفة بصراحتها واندفاعها؟ وما الذي دفع الأمور لتصل إلى هذا الحد؟
في هذا المقال، نحاول عرض الوقائع بكل شفافية، ونسلط الضوء على الملابسات، مع احترام مسار العدالة.

من الگالات إلى الخلافات: كيف تدهورت العلاقة؟

حليم بيطار لم يكن غريباً عن الوسط الفني، بل جمعته علاقات عمل وصداقة مع عدد من الفنانين، من بينهم المدكوري، حيث اشتغل إلى جانبه في مشاريع متعددة، وكان يوثق له خطواته الإعلامية والفنية.
بل إن معطيات مؤكدة تشير إلى أن حليم بيطار كان يُرافق الفنان في عدد من المناسبات الفنية، وساهم في تنسيق بعض السهرات الخاصة التي حضرها المدكوري، ما يدلّ على وجود مستوى من القرب والتعاون، يصعب أن يتحول فجأة إلى خصومة.
من التفاصيل التي لا تغيب عن ذاكرة المهتمين بالشأن الفني، أن حليم بيطار لم يكن مجرد صديق عابر للفنان المدكوري، بل كان له دور فعلي في تنظيم عدد من الگالات والسهرات التي لمع فيها نجم هذا الأخير.
بل الأكثر من ذلك، أن حليم بيطار، بحكم تجربته الإعلامية، ساهم غير ما مرة في إشعاع المدكوري، من خلال التغطيات، التنسيق، والترويج لظهوره الفني، سواء عبر الصحافة أو منصات التواصل.


وبحكم معرفتنا بالميدان، لا يمكن إنكار أن الصحفي المعتقل كان، لسنوات، من بين الأسماء التي ساهمت فعلياً في الترويج لعدد من الفنانين، وعلى رأسهم المدكوري، من خلال تنظيم الگالات وتنسيق السهرات الفنية، التي لم يكن مجرد مروج لها، بل كان يؤمن بقيمتها الفنية ويشتغل عليها بإخلاص، وفي كثير من الأحيان من دون مقابل مباشر، بل بدافع الانتماء للمجال وخدمة الفعل الثقافي.
هذا المعطى، وإن لم يكن له وزن قانوني في ملف المتابعة، إلا أنه يحمل بعداً أخلاقياً لا يجب تجاهله في لحظة اشتدت فيها الاتهامات، وانقسم فيها الرأي العام.
ومع ذلك، فالعلاقات المهنية، خاصة حين تمتد لسنوات، قد تمرّ بتحولات طبيعية أو تباينات في الرؤية، خصوصاً حين يتغير المحيط أو ترتفع سقوف الطموح.
في هذا السياق، يُطرح سؤال مشروع: هل طرأ ما بدّل أولويات الطرفين؟ وهل اختيار الفنان للظهور في مهرجان ضخم مثل “موازين” ترافق مع رغبة في إعادة ترتيب دوائر الثقة؟ أسئلة لا تُطلق أحكاماً، لكنها تضعنا أمام خلفيات ممكنة ينبغي التوقف عندها دون تعسف أو تأويل.

موازين وكواليس التغيير

ما زاد من تساؤلات الرأي العام، هو تزامن الشكاية مع مرحلة فنية حساسة يعيشها الفنان المدكوري، بعد مشاركته في مهرجان موازين.
مصادر من داخل الساحة الفنية ربطت بين هذه العودة القوية، وبين رغبة البعض في إعادة ترتيب محيطهم، سواء على مستوى الإدارة أو الصورة الإعلامية.
وهو ما فتح الباب لتأويلات تفيد أن إنهاء العلاقة مع حليم بيطار لم يكن وليد لحظة، بل تم الإعداد له تدريجياً، حتى جاءت الشكاية لتشكل النقطة الفاصلة.

اعتقال متلبس: قراءة في الوقائع القانونية

من الناحية القانونية، يشكل التلبس عنصراً ثقيلاً في أي ملف، وغالباً ما يُقدّم على باقي الاعتبارات.
غير أن سياق قضية حليم بيطار يستدعي قراءة أعمق، لأن الاعتقال لم يأتِ في عزّ نزاع حاد، بل في ظل علاقة سابقة كانت تتسم بالثقة والعمل المشترك.
المعطيات المتوفرة تفيد بأن اللقاء الذي تم فيه التوقيف لم يكن نابعاً من تهديد مباشر أو تصعيد علني، بل جاء بعد سلسلة تواصل بين الطرفين، وهو ما يجعل من وصف “الابتزاز المتلبس” موضوعاً قابلاً للتأويل.

شهادات تؤكد شخصية حليم بيطار

ورغم التأويلات القانونية التي تحيط بالملف، تبقى صورة حليم بيطار لدى كثير من زملائه الصحافيين إيجابية جداً.
عرف بحسن خلقه وأخلاقياته المهنية العالية، وكان ممن يُشهد لهم في الوسط الإعلامي بنزاهتهم واستقامتهم.
عدد من الزملاء وصفوه بكونه وطنيًا حتى النخاع، غيورًا على قضايا بلاده، لا يتردد في دعم المبادرات الجادة، ومنخرطًا في الدفاع عن القضايا العادلة لمغربنا بأسلوب مهني هادئ ومسؤول.
هذه الشهادات، رغم أنها لا تُلغي أي مسار قضائي، إلا أنها تقدم وجهاً آخر لشخص ظل فاعلاً في الظل، يؤمن بأخلاقيات المهنة، ويشتغل بإخلاص سواء داخل المؤسسات أو في الفضاءات الثقافية والفنية.
وبذلك، يصبح من الضروري التمييز بين القضايا الشخصية والتقييم المهني، وترك الأمر للقضاء الذي يُفترض أن يكون العادل والمنصف للجميع.

رفض التنازل: خلفيات وأبعاد

لم يكن رفض الفنان المدكوري التنازل عن شكايته، رغم تدخل فنانين كبار تربطهم علاقة مهنية وشخصية بكلا الطرفين، مجرد تشبث قانوني بمسطرة، بل أثار تساؤلات واسعة في الأوساط الإعلامية والفنية.
وفي تصريح التُقط له من طرف صحفيين قبيل ولوجه المحكمة يوم الخميس 3 يوليوز 2025، قال المدكوري عبارة لافتة: “عندي طموح تنصفني المحكمة”.
ورغم بساطتها الظاهرية، تحمل هذه الجملة أبعاداً عميقة، إذ تربط الإنصاف القضائي بمفهوم الطموح، لا بمجرد استرجاع حق. وهو ما يفتح الباب أمام تأويلات تفيد بأن القضية تحوّلت من شكاية إلى وسيلة لإعادة تموقع فني أو تصفية حسابات ضمن مناخ التنافس.
هل يتعلق الأمر بإرادة حقيقية في إنصاف الذات؟ أم أن الملف يخفي خلفه رغبة في إنهاء ارتباط سابق بطريقة قانونية، لكنها مُحمّلة برسائل غير بريئة؟
خاصة وأن العلاقة بين الطرفين لم تكن عابرة، بل تخللتها فصول من التعاون، والتوثيق، والثقة، تجعل من النزاع الحالي انفجاراً لتراكمات أكثر من كونه نتيجة حادث معزول.
وبين قراءات متعددة، يظل غياب الرغبة في التنازل مؤشراً على أن ما يجري يتجاوز لحظة “ابتزاز”، نحو حسابات أعقد وأبعد، تسائل طبيعة العلاقات داخل المشهد الفني، ومدى قدرة بعض الأسماء على تقبل النقد أو الحفاظ على من رافقوهم في فترات الصعود والتوهج.

ثقة المجتمع في العدالة

ما بين الفن والإعلام، حدود دقيقة لا تُرسم بالشكايات ولا تُمحى بالصمت.
القضية المطروحة اليوم لا تقف عند حدود اتهام، بل تفتح بابًا على أسئلة أعمق: من يتحكم في من؟ ومن يدفع الثمن حين تُكسر الثقة؟
في زمن كثرت فيه الاصطفافات، تظل الحقيقة هي الضامن الوحيد للتوازن. وإذا اختار البعض التصعيد، فليكن في حضرة العدالة، لا على حساب الأخلاق والمهنية.
في النهاية، يبقى ملف حليم بيطار والمدكوري درساً في هشاشة الثقة وأهمية التوازن بين المواقف الشخصية والمهنية.
كما يذكرنا بأن الحقيقة ليست دوماً واضحة، وأن الطريق إلى العدالة يحتاج إلى صبر وإنصاف بعيداً عن الأحكام المسبقة.
وبينما يُترك للقضاء مهمة الفصل في التفاصيل، فإننا كمتابعين وكمجتمع، علينا أن نحافظ على قيم الاحترام، وندعم كل من يشتغل بإخلاص وشفافية.
في هذا المشهد المعقد، تظل الكلمة الفصل لمن يحمل راية الحق، سواء أكان فناناً أم صحفياً، فكلنا في النهاية ننتظر العدالة.

متابعة مستمرة للملف

نظراً لأهمية هذه القضية التي أثارت اهتمام الرأي العام، سنبقى على متابعة مستمرة لكل جديد يتعلق بها. سنحرص على تغطية كل التطورات القانونية، والإعلامية، والاجتماعية المتعلقة بالملف، مع تقديم تحليلات دقيقة وموثوقة، محافظين على المهنية والحياد.

إن العدالة هي الفيصل، ونحن ملتزمون بإيصال الحقيقة للرأي العام، من دون تحيز أو تأويل.

بقلم: المصطفى العياش

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة