مينة سكراتي… من منصة القضاء المغربي إلى قيادة نساء العدالة عبر العالم

kapress24 أبريل 2025آخر تحديث :
مينة سكراتي… من منصة القضاء المغربي إلى قيادة نساء العدالة عبر العالم

متابعة: المصطفى العياش

في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإرساء العدالة الحقيقية، وتكريس المساواة في فضاءات كانت حكرًا على الذكور، تبرز القاضية المغربية مينة سكراتي كوجه قضائي استثنائي يُعيد تشكيل صورة المرأة في مشهد العدالة العالمية. ليس فقط لأنها اعتلت منصة رئاسة الجمعية الدولية للنساء القاضيات، ولكن لأنها فعلت ذلك بأسلوب يُزاوج بين المهنية العالية والرؤية الملتزمة بقيم الكرامة والعدالة.

اختيارها على رأس هذه الهيئة الدولية، في مدينة كاب تاون بجنوب إفريقيا، لم يكن لحظة عابرة أو تتويجًا شكليًا، بل جاء تتويجًا لمسار قضائي امتد لأكثر من 15 سنة، اختارت فيه سكراتي أن تكون قاضيةً لا تكتفي بتطبيق القانون، بل تنقّب في جوهره، وتحرس على أن يظل منحازًا للعدالة، لا للقوة.

من المحكمة الإدارية بالمغرب إلى ساحات المؤتمرات الدولية، كانت القاضية سكراتي تحفر حضورها بثبات، وتجعل من تجربتها نافذة تطلّ منها نساء كثيرات على أفق جديد للتمكين القضائي. لقد مثّل انتخابها لحظة رمزية، ليس فقط لأنها أول قاضية عربية تتولى هذا المنصب، بل لأنها حملت معها قضايا نساء المغرب والعالم العربي، وأثبتت أن الرهان على الكفاءة لا على الجغرافيا أو الانتماء.

حين تحدثت سكراتي عقب انتخابها، لم تتحدث عن ذاتها. بل أهدت لحظة التتويج لكل امرأة مغربية ناضلت، داخل المحكمة أو خارجها، من أجل أن يُصغى لصوتها، أن يُعترف بكرامتها، وأن تُعطى فرصة القيادة. كلماتها لم تكن خطابًا بروتوكوليًا، بل إعلانًا عن تمثيلية جديدة، أكثر شجاعةً وانخراطًا في معارك القضاء من أجل الحقوق.

ولا يمكن فصل هذه اللحظة عن التراكم الذي راكمه اتحاد قاضيات المغرب، الذي تترأسه بدورها، والذي صار نموذجًا وطنيًا يُحتذى به داخل الجمعية الدولية. وهو الاتحاد الذي وُلد من رحم تجربة أميركية مغربية سنة 2016، حين سافرت سكراتي رفقة قاضيات مغربيات إلى واشنطن في بعثة مهنية بدعم من الحكومة الأميركية، لتتحول تلك الزيارة إلى نواة عمل مؤسساتي جاد.

لقد بات واضحًا أن الحضور المغربي في المحافل القضائية لم يعد مجرد مشاركة رمزية، بل صار يؤسس لزمن جديد يُعيد للمغرب موقعه كجسر بين الضفاف، وصوت عقلاني في زمن الاضطراب القانوني والحقوقي.

تكريم القنصلية الأميركية بالدار البيضاء للقاضية سكراتي ليس مجاملة دبلوماسية، بل تأكيد على أن القيادة القضائية، حين تخرج من رحم النزاهة والمسؤولية، تفرض الاعتراف أينما حلّت. كما أن هذا التكريم يكشف عن عمق التعاون المغربي الأميركي في المجال القضائي، حيث لم يعد الأمر يتعلق فقط بتبادل الخبرات، بل ببناء رؤى مشتركة في خدمة العدالة العالمية.

إن تتويج مينة سكراتي ليس فقط تتويجًا لقاضية مغربية، بل تتويجٌ لمدرسة قضائية مغربية بدأت تجد لنفسها موقعًا في الخارطة الدولية، مدرسة تؤمن بأن العدالة لا تنفصل عن النضال من أجل الكرامة، وأن المرأة ليست فقط ضحية منظومة ذكورية، بل فاعلة في إصلاحها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة